أثبتت الدراسات الحديثة أهمية التعليم ما قبل المدرسي في تنمية مهارات الأطفال وتهيئتهم نفسيا واجتماعيا للتفاعل مع العالم الخارجي.
وتلعب رياض الأطفال دورا محوريا في توجيه وتأطير الأطفال عبر المناهج التأهيلية التي يجب أن تتماشى بطرق علمية مع متطلبات مرحلتهم العمرية ومدى إدراكهم واستيعابهم للأشياء من حولهم.
وتشكل رياض الأطفال أول اتصال خارجي للأطفال يوفر لهم التأهيل النفسي والاجتماعي ويحضرهم لولوج التعليم المدرسي عبر ما اكتسبوه في هذه الرياض من سلوك تنظيمي واستعداد لاستيعاب المعطيات والأفكار.
ولاستيضاح واقع التعليم ما قبل المدرسي في موريتانيا والخطط المستقبلية في هذا المجال أجرت الوكالة الموريتانية للأنباء لقاءات مع بعض القائمين على التكوين والتأطير في هذا المجال.
فقد أوضح مدير المدرسة الوطنية للعمل الاجتماعي، السيد محمد الأمين ولد الحسن، أهمية الأدوار التي تقوم بها رياض الأطفال من توجيه للطفل وتعليمه المهارات اللازمة للحياة والتكيف مع أقرانه وتعليمه المهارات الضرورية مما يساهم في تفتق ذكائه، مشيرا إلى أن المربية تمثل حجر الزاوية في تنمية الطفل باعتبارها الشخص الثاني الذي يتعاطى معه بعد والديه.
وأضاف أن المدرسة الوطنية للعمل الاجتماعي ونظرا للدور المحوري للمربية عملت على وضع برنامج تكويني ثري ومتكامل يهدف إلى امتلاك المربية المعارف والمهارات اللازمة للقيام بهذه المسؤولية الكبيرة.
وأشار إلى أن هذا البرنامج يقوم على مقاربة الكفايات ويمكن المربية من امتلاك القدرات اللازمة للتعامل التربوي والنفسي والصحي مع الطفل، منبها إلى أن المربيات يتلقين تكوينا مكثفا مدته سنتان يتخللهما تربصين للمشاهدة والتطبيق.
وبين أنه إلى جانب توفير الأطقم التربوية تعمل استراتيجية تفعيل التعليم ما قبل المدرسي على توفير الظروف لخلق بنية تحتية في مجال هذا النوع من التعليم مما يساهم في توفر بيئة ملائمة لتفتق ذكاء ومهارات الطفل الاجتماعية واللغوية.
وقال إن رياض الأطفال تعتبر المكان الأول الذي يتجه إليه الأهل كمرحلة ثانية في حياة الطفل حيث يبدأ بالاعتماد على نفسه والتعرف على البيئة الاجتماعية والتعاطي مع أقرانه، واكتساب مهارات الإيصال والتواصل بشكلها الأولي وبما يتناسب مع عمره.
وأوضح أنه فيما يخص المعوقات التي تكتنف التعليم ما قبل المدرسي تتمثل أساسا في تواضع ظروف الاستقبال وضعف توفر العرض على هذه الخدمات في الأوساط الفقيرة والهشة، إضافة إلى غياب الوعي بأهميتها.
أما رئيسة مصلحة التعليم ما قبل المدرسي بوزارة الشؤون الاجتماعية والطفولة والأسرة، السيدة آمنة بنت لحبيب، فقد استعرضت المنهجية التي تعتمدها الوزارة من أجل تأطير وتفعيل أداء رياض الأطفال.
وأشارت إلى أن من ضمن مهام القطاع تهيئة الأطفال من خلال تنمية قدراتهم الذهنية والبدنية وإعدادهم لولوج التعليم المدرسي مما يساعدهم على النجاح في مسارهم الدراسي.
واستعرضت بعض الإجراءات التي تم القيام بها في إطار خلق الظروف المناسبة لوجود تعليم ما قبل مدرسي ملائم وفعال، حيث تم في هذا الإطار إعادة هيكلة مركز التكوين للطفولة الصغرى وتحويله إلى مدرسة للعمل الاجتماعي تعنى بتكوين وتأهيل كوادر متخصصة قادرة على توطيد وترسيخ العمل الاجتماعي الذي هو لب عمل القطاع.
وأضافت أن هذه المدرسة تتيح التكوين في عدة مجالات مما يمكنها من تخريج مستشارين في العمل الاجتماعي، ومكونين رئيسيين في مجال الطفولة، ومساعدين في العمل الاجتماعي، ومنعشين اجتماعيين، ومراقبين لحدائق الأطفال، ومكونين في المجالات المتعلقة بالتعاطي مع الأطفال المصابين بالتوحد والإعاقة الذهنية.
ونبهت إلى أن مجالات تكوين هذه المدرسة تشمل كذلك التكوين على لغة الإشارة، ومكونة "ابرايل"، والوساطة الاجتماعية، والترقية النسوية.
وأشارت إلى أن مؤسسات التعليم ما قبل المدرسي في البلاد تضم 753 روضة منها 34 مؤسسة عمومية و463 مؤسسة حرة و255 مؤسسة جمعوية، مشيرا إلى أن هذه المؤسسات يوجد بها 31632 طفلا حسب إحصائيات السنة الدراسية 2019.
ونوهت إلى أن هذه المؤسسات توجد أساسا في الوسط الحضري وبالذات في مدينتي انواكشوط وانواذيبو اللتين تحتضنان ما يقارب 43% من مؤسسات التعليم ما قبل المدرسي في البلد ويوجد بهما نصف الأطفال المسجلين في مؤسسات التعليم ما قبل المدرسي.
وأشارت رئيسة مصلحة التعليم ما قبل المدرسي إلى وجود أزيد من 800 مربية حدائق أطفال في سوق العمل مكونة من طرف مركز الطفولة الصغرى، منبهة إلى أن 52 مربية من هؤلاء الخريجات استفدن من قروض مالية ميسرة لإنشاء رياض للأطفال.
تعليق