ويقول أصحاب الاختصاص والعارفين بتاريخ المنطقة إن هذه النبتة كانت موجودة قبل تشييد سد أدياما وتكاثرت بعد ذلك بشكل كبير وزحفت بشكل غير مسبوق على الأراضي الزراعية القريبة من الضفة اليمنى للنهر وأغلقت الروافد النهرية.
وأمام هذه الوضعية أصبح من اللازم على السلطات المعنية والمصالح الفنية المختصة البحث عن حل للقضاء على هذه الظاهرة من خلال القضاء على هذه النبتة أو تحويلها إلى منتج وطني قد يساعد في الحفاظ على الوسط البيئي من خلال تحويلها إلى فحم أو أعلاف للمواشي أو سماد طبيعي وغير ذلك.
وحول هذه الظاهرة والجهود المبذولة للحد من مخاطرها البيئية والاستفادة منها التقى مكتب الوكالة الموريتانية للأنباء في ولاية أترارزه بالمدير العام للمعهد العالي للتعليم التكنلوجي بروصو الدكتور أحمد ولد الحاج الذى أوضح أنه بعد تشييد السد الذي يمنع وصول المياه المالحة إلى النهر تكاثرت هذه النبتة بشكل هائل على ضفتي النهر مشكلة خطرا حقيقيا على البيئة النهرية بشكل عام والموريتانية منها بصفة خاصة.
وأوضح أن من أبرز أضرار هذه النبتة اجتياحها للمساحات الزراعية القريبة وإغلاق الروافد النهرية وتوقف الصيد النهري وانتشار الأمراض على نطاق واسع بسبب توفر الظروف الملائمة لتكاثر الباعوض ومن ثم هجرة السكان لأراضيهم هربا من الأضرار الناجمة عن تكاثر هذه النبتة ومضايقتها للسكان بصفة عامة والمزارعين منهم بصفة خاصة.
وأشار إلى أنه في سبيل البحث لهذا الإشكال عن حل دائم وفي إطار المهام الموكلة للمعهد العالي للتعليم التكنلوجي بمدينة روصو قام بعض الباحثين بالمعهد بالعديد من الأبحاث الجادة "تكللت ولله الحمد بالنجاح".
وقال إن خبراء المعهد وانطلاقا من أن موريتانيا تعاني من التصحر بشكل كبير بادروا إلى إمكانية تحويل هذه النبتة الكثيفة إلى فحم وهو ماسيمكن من الاستغناء عن الفحم الخشبي لتخفيف الضغط على الغابات.
وأضاف أن الدراسات والبحوث أعطت نتائج مرضية وذلك بالتعاون مع بعض المنظمات الدولية والشركاء الفنيين للمعهد العالي للتعليم التكنلوجي بروصو.
وأشار إلى أن هذه الجهود مكنت مجتمعة حتى الآن من فتح 8 وحدات إنتاجية على ضفاف النهر وتكوين المستفيدين منها حول طرق إنتاج الفحم من التيفا والطين وهو ما يعرف حاليا بمشاريع التيفا التقليدية.
وذكر أن خبراء المعهد تمكنوا أيضا من إنجاز وحدة صناعية بطاقة إنتاجية تبلغ يوميا 3 أطنان من الفحم وخط لإنتاج فحم الطهي من نوعية جيدة مقارنة مع الفحم العادي وتم التأكد من أن فحم التيفا أجود بشكل كبير مما مكنه من الحصول على ميدالية "كونفرجانص" بباريس سنة 2016 من بين 3000 مشروع في العالم.
وأضاف المدير العام للمعهد أن المعهد أجرى مؤخرا جملة من التحسينات على فحم التيفا وقرر فتح الباب أمام الخصوصيين و الصناعيين على مستوى مدينة روصو وذلك بغية القضاء على مخلفات زراعة الأرز (قشور الأرز) التي قال إنها تشكل ضررا حقيقيا على ساكنة المدينة.
ونبه إلى أن المعهد وضع آلية صناعية محكمة ودائمة تراعي جميع المعايير البيئية للتخلص من التيفا وقشور الأرز ستمكن من تحويلهما إلى فحم عالي الجودة وتم فتح الباب أمام الخصوصيين ووضع معايير لاختيار شريك في هذه العملية.
وقد مكن هذا الاجراء من اختيار سبعة مصانع من مصانع الأرز بروصو كمرحلة أولى وبعد إجراء التقييم الأخير تم اختيار مصنع الرابح وبطاقة انتاجية تصل حوالي 10 أطنان من الفحم يوميا وسيقوم المعهد بمؤازرته طيلة سنتين، كما تم جلب مصنع متكامل من الصين وبعص الآليات لإنجاز هذه المهمة البالغة الأهمية والتي ستبدأ في القريب العاجل إن شاء الله تعالى.
وأشار المديرالعام للمعهد العالي للتعليم التكنلوجوجي بروصو إلى أن المعهد وشركائه في التنمية سيقومون بمؤازرة الشريك الوطني لتخفيف الأعباء المالية وذلك في سبيل دعم المصانع الوطنية من جهة والقضاء على التيفا وقشور الأرز من ناحية أخرى.
وقال إن خبراء المعهد تمكنوا أيضا من الوصول إلى نتائج أكدت أن التيفا يمكن أن تستخدم في مواد البناء وتتأقلم مع الظروف البيئية والمناخية بشكل جيد وتمتص الحرارة، كما يمكن تحويلها إلى سماد طبيعي للمحاصيل الزراعية خاصة الخضروات.
وأضاف أنه يجري العمل حاليا بالمعهد وبالتعاون مع بعض الخبراء الوطنيين في الخارج على تحويل التيفا إلى أعلاف عالية الجودة وغنية بالألياف، مشيرا إلى أنه سيتم بحول الله قريبا تجربة هذه الاعلاف على الأبقار والأغنام على مستوى المعهد العالي للتعليم التكنلوجي بروصو، منبها إلى أن هذه الأعلاف لا تشكل ضررا على اللحوم أوالألبان.
تعليق