نظمت رابطة الاصلاح للثقافة والتنمية بالمذرذره في ولاية الترارزة النسخة الأولى لمهرجانها الثقافي في قرية احسي المحصر.
استُهل المهرجان بآيات بينات من الذكر الحكيم، بعد ذلك تم الافتتاح الرسمي للمهرجان بكلمة لمستشار والي اترارزه للشؤون القانونية والاقتصادية السيد الشيخ ولد محمد عبد الله، الذي عبر عن تثمينه لهذه التظاهرة الثقافية الفريدة من نوعها و التي قال إن من شأنها أن تنفض الغبار عن تراث وثقافة المنطقة.
كما شكر شباب الرابطة على جهودهم من أجل إنجاح أول نسخة لمهرجان احسي المحصر.
و حضر حفل الافتتاح، إضافة إلى مستشار والي اترارزه، مساعدة حاكم مقاطعة المذرذرة السيدة فائزة مَعينيَّ النانه، والمنتخبون المحليون، والسلطات الإدارية والأمنية لمقاطعة المذرذره.
وفي كلمة له بالمناسبة، تحدث رئيس الرابطة السيد أندكسعد ولد انجاك، عن أهداف المهرجان التي قال إنها تتلخص في “نفض الغبار عن تراث وثقافة المحصر وإيكيدي، واستنهاض همم الشباب وتحفيزهم بما يضمن المزيد من العطاء في المجال الثقافي والتنموي”.
وتعاقب على المنصة وجهاء من المنطقة ومحاضرون وشعراء فصيحون وشعبيون..وتخللت المداخلات وَصَلاتٌ فنية وحكايات للأدب الشعبي الخاص بالمنطقة على نغمات التيدنيت.
كما تميز المهرجان الحاشد بحضور كوكبة من الباحثين الوطنيين، والشعراء الفصيحين والشعبيين، والفنانين.
و نال الفلكلور الشعبي حظه من خلال فقرات من الموسيقى المحلية ولعبة أنيكور و”طبل المحصر” بما يحمله من رموز ثقافية وغيرها.
و تُوجَّت فقرات التظاهرة، بمحاضرات قيمة تناولت تاريخ المنطقة بالدراسة الدقيقة والتحليل العميق.
و تناول المتدخلون الحديث عن التراث المحصري الإكيدي وما تميز به من ثقافة زاخرة بالمعرفة والحكمة وما حمله من رموز عبر تاريخ حافل بالعطاء.
كما تحدث المحاضرون عن ما وصفوه بالثنائية الاستثنائية لثقافتي المحصر و إيكيدي، معتبرين أن هذه الثنائية خلقت “منظومة اجتماعية متناغمة مكملة لبعضها البعض في شكل منظومة جمعت العلم والحكمة والشجاعة والنبل والصبر ومكارم الأخلاق.. منظومة حضارية مختلفة غمرت نمط المجتمع وأثرت على جميع تفاصيل حياته”.. منظومة لها أسلوبها الخاص في التعاطي مع الحياة، تصغرُ في عينها عظائم الأحداث، وتستهونُ صعائب الأمور في بعض الأحيان، وفي كثير من الأحيان لا تكترثُ بها البتَّة.. منظومة تمتلك فصل الخطاب بقرب المأخذ وبالحصافة والفصاحة في التعبير ..”.
وقد تناول هذه القيم والفضائل الراسخة، الباحثون في محاضراتهم والفنانون في وصلاتهم وشاطرهم في ذلك الشعراء ولمغنين:
مهرجان المحصر راعيه
زينو مرفود الدين اعليه
ابزين الموزون الِّ فيه
فم اوزين المُداخلات
وعْلِي ذ كالو لا يربيه
كبلي كاع اعلَ عتنَ، فات
مهرجان أحسي المحصر
كفَّاتو فلمجد املنات
ومنلمهرجنات انصر
وَمَجار المهرجنات
وقد استمر المهرجان يوما وليلة و أقيم الحفل تحت الخيام في تنظيم مُتميز، ألهمَ ذاكرة كاتب التقرير -لا شعوريا- إلى استحضارِ بيتين قديمين للأديب العالم المختار بن محمدا يقول فيهما:
يُقام الحفل في حي الأمير
بشكل مُستطيل مُستدير
فتنظيم الرجال له مثيرٌ
و تنظيم النسا فوق المثير
و استحضر كذلك:
لدى أبناء أحمد من دمان
تمر بنا السوائع كالثواني
فتوٌّ يقصر الفتيان عنهم
غوان دونها كل الغوانِ
و قينات عن القينات تغني
و تُغني عن أغانيها الأغان
مكثنا ليلة فيهم و يوما
سنجعل ذين تاريخ الزمان
و قائل هذه الأبيات هو نفسه صاحب البيتين السابقين.
تلك أبيات خلدت لنا حفلا في المحصر مضت عليه عقود من الزمان..
واليوم، كَأَنَّ التاريخ يعيد نفسه مرة أخرى لنعيش معه حفلا مماثلا استمر يوما وليلة وبنفس النظام وفي نفس المكان تقريبا، وإن اختلف الحفلان في الزمان والتفاصيل.
فكَأَنَّ الأحداث تتكرر، أو كأن أُمنِيةَ لأحدهم تتحقق ولو بعد حين:
مَصَّابْ الدَّنْيَ تَنْثْنَ
بالِّيلي نعرف فيها،
من طربي واتَّمْ السْنَ
فابلدها لين نجيها.
تعليق