اكتنز معرض أبوظبي الدولي للكتاب في نسخته المنعقدة حالياً بفعاليات متنوعة ، وندوات تثري الزائرين , وتبنت الدورة الـ 32 من معرض أبوظبي الدولي للكتاب، مفهوم الاستدامة كفكرة محورية، تماشياً مع إعلان دولة الإمارات عام 2023 «عام الاستدامة»، وأيضاً هو العام الذي ستستضيف فيه الإمارات فعالية «كوب28».
وشهد المعرض، إطلاق مبادرات وفعاليات و ندوات متنوعة تهدف إلى تسليط الضوء على طرق الاستدامة، وأفضل الممارسات العالمية في هذا المجال. قدمت الإمارات نموذجها للاستدامة بمفهومها الشامل الذي يركز على الإنسان أولاً، ويسعى لبناء قدراته وتمكينه بالعلم والتدريب وتبادل الخبرات.
الاستدامة بمعناها البسيط الذي يحفظ حقوق الأجيال المقبلة في الموارد تحقق في الإمارات عبر الاستثمارات الكبرى التي تحافظ على الموارد، وتضمن للأجيال المقبلة الاستفادة منها، لكن الإمارات طورت مفهوم الاستدامة ليصبح الإنسان محورها، بما يضمن رفاهية الحياة وجودتها والاستعداد للمستقبل. وعن مفهوم الاستدامة عند صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، قدم الدكتور سلطان محمد النعيمي، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، محاضرة ضمن جلسات الحوار الاستراتيجي الذي ينظمه جناح «مركز الإمارات للدراسات» في معرض أبوظبي الدولي للكتاب، مؤكداً أن القيادة الرشيدة تسعى لجعل الاستدامة تطال جميع مناحي الحياة. وأوضح الرؤية الاستباقية التي تبنتها الإمارات في الاستعداد لمرحلة ما بعد النفط، وتهيئة كل قطاعات الدولة لهذه المرحلة بالاتجاه نحو تنويع الاقتصاد، وتفعيل اقتصاد المعرفة بمجالاته الجديدة والمتنوعة.
وفكرة الاستدامة مترسخة في سياسات دولة الإمارات، ويتضح ذلك من رؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، فكانت مفردة المستقبل حاضرة في مقولاته، وتحدى المغفور له الشيخ زايد المصاعب التي واجهت مسيرة التنمية، منذ عام 1946، ونجح في تحقيق التنمية الشاملة لتصبح الإمارات تجربة تنموية رائدة في المنطقة.
العنصر البشري عصب التنمية المستدامة في الإمارات، فخلال المحاضرة عرض الدكتور سلطان النعيمي مقطع فيديو يتحدث فيه الشيخ زايد عن أهمية العنصر البشري في توجيه التنمية بجميع قطاعاتها.
وأوضح أن مفهوم الاستدامة في الإمارات أمر أكثر تعقيداً مما يتصور البعض، حيث لا يقتصر على الموارد الطبيعية فحسب، بل يتم التركيز بشكل كبير على دور الإنسان الإماراتي وتمكينه من التعليم، وذلك لكي يكون قادراً على تحقيق الاستدامة التي حافظ عليها الأجيال السابقة للمحافظة على هذه الأرض الطيبة.
ومن الجدير بالذكر أن هناك دولاً تمتلك موارد طبيعية بقيمة مليارات الدولارات، ومع ذلك، تعاني تلك الدول من الفكر المتطرف، ولذا حرصت دولة الإمارات على تعزيز التسامح في الفكر الإماراتي كوسيلة لمواجهة الأفكار المتحجرة والتدميرية.
البعد الإنساني للاستدامة هو الذي أوصل دولة الإمارات لهذه السمعة العالمية في دعم التنمية وتقديم المساعدات الإنسانية ومكافحة التطرف، وتعزيز السلام والتسامح والتعايش الإنساني، وترسيخ مبادئ الأخوة الإنسانية وقبول الآخر، الذي أدى إلى رعاية وثيقة الأخوة الإنسانية.
ومن هنا يمكن أن نقول إن الأساس الذي يرتكز عليه فهم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لمفهوم الاستدامة، يهدف إلى بناء الإنسان القادر على استيعاب علوم العصر ومستجداته، والقادر على المشاركة في التنمية، وهذا لا يتحقق إلا بالتأهيل الصحيح من خلال التعليم، لتصبح الاستدامة أمراً يتجاوز الموارد الطبيعية لبناء الإنسان.
تعليق